Admin Admin
المساهمات : 322 تاريخ التسجيل : 24/06/2012
| موضوع: فتنة المذاهب والفرق (الرسالة) (1) الأربعاء يوليو 04, 2012 10:24 pm | |
| فتنة المذاهب والفِرق المقدمة الحمد لله ربِّ العالمين ، الرَّحْمَن الرحيم ، مالكِ يوم الدين ، له الحمدُ في الأُولى والآخرة ، ولهُ الحكمُ ، وإليه تُرجعون ، أشهد أن لا إلهَ إِلاَّ الله ، وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أَن مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ ، اللهم إياك نعبدُ ، فاجعل عبادَتَنا خالصةً لك ، مأجورةً منك ، بعيدةً عن الرياء والشِّركِ ، وعن التَّقَرُّب إليك بما شَرَعَتْهُ شياطينُ الإنسِ والجن ، وإياكَ نستعينُ ، فأَعِنَّا بمددك الذي لا حدَّ له ، ولا تكِلنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ ، أَو إلى بابِ غيرك ، ولا تُذِلَّنا بالخضوعِ لسواك ، وتقبل منا إنَّك أنت السميعُ العليمُ ، وتجاوز عن ذنوبنا وتقصيرنا ، وهذا حالُنا لا يخفى عليك ، فاغفر يا غفور، وارحم يا رحيم . آمين. اللهم ، أنت ربي ، وأنا الضعيفُ الذي قويتَ ، والجاهلُ الذي علمتَ ، والكسيرُ الذي جبرتَ ، والمريضُ الذي شفيتَ ، والخائف الذي أَمَّنْتَ ، والغريبُ الذي آويتَ ، والفقيرُ الذي أغنيتَ ، والعاصي الذي سترتَ. والضالُّ الذي يرجو هدايتك ، والمُسرف الذي يطمع في رحمتك. أما بعد ؛ فَمِنْ نِعَم الله ، عَزَّ وجَلَّ ، التي لا تُحصى ، أن بعثَ إلى خلقه خيرةَ خَلْقهِ من الأنبياءِ والمُرسَلينَ ، ومِن أَعظمِ نِعَمِهِ ، سبحانَهُ ، علينا ، أَنْ بعثَ فينا رسولاً مِنَّا ، خَتم به الرسلَ والرسالةَ ، وأنزل عليه كتابًا ، هو الفصلُ ، ليس بالهزلِ ، لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خَلْفهِ ، فأنزله اللَّهُ ، عَزَّ وجَلَّ ، على رسولِهِ r قولاً ثقيلاً ، لو نَزَلَ على جبلٍ لخشعَ وتصدَّعَ ، فنزلَ على قلبِ مُحَمَّدٍ النبيِّ الأُمِّي الكريمِ r ، فحَمل الأمانةَ ، وصَدَعَ بما أُمِرَ، وَبَلَّغ ما أُنزل إليه من رَبِّهِ ، ما زاد حرفًا ، وما أخفى حرفًا ، ما ترك شيئًا يُقربنا منَ الجنةِ إِلاَّ وأمرنا بهِ ، وما تركَ شيئًا يُقربنا من النار إِلاَّ ونَهانا عنه ، فأُوذيَ وصَبَرَ، وقُوتِلَ وغَفَرَ ، وأُخْرِجَ من بلدِهِ حتى جاءَهُ فتحُ الله وانتصرَ. ومع طول الأَمَدِ ، وابتعادِ الناس عن عصر النُّبُوَّةِ ، واستحواذِ شياطينِ الإنسِ والجنِّ على عقولِ الناسِ ، تَبَدَّلَ كلُّ شيءٍ ، أَوْ كَادَ ، وتحول الدينُ إلى مجموعةِ مذاهبَ ، وعِدَّةِ طُرُقٍ ، وحفنةٍ من الجماعات والجمعيات ، حتى صار ذلك واقعًا لا مفر منه ، ونسيَ الناسُ ، بتقادم العهد ما كان ، وآمنوا بما صار ، فلم يعد أحدٌ يعلم ، إلاَّ مَنْ رَحِمَ ربُّكَ ، أَنَّ نبيًّا قد أتى ، وبَلَّغَ ما أُنزلَ إليهِ من ربِّهِ ، حتى وإن قالوها بأفواههم ، لكنَّ أعمالَهُمْ كَفَرَتْ بذلك ، فزواجُهم وطلاقُهم ، وبيعُهم وشراؤُهم ، وصلاتُهم وطَهُورهُم ، كلُّ ذلك ، وغيرُ ذلك ، صار على مذهبِ فلانٍ ، وطريقة أبي فلانةَ ، وقَسَموا دينَ الله إلى فروع وأصول ، وواجبات ومندوبات ، وتفرقوا واختلفوا ، بل وجعلوا الخلافَ رحمةً ، وأَصبح جهلُهم عِلمًا ، وخِلافُهم دينًا ، ونزاعُهم قُربى لرب العالمين. وهنا ، في هذا المُقام ، نريد أن نقولَ : إن مُحَمَّدًا r قد جاء فعلاً ، ونزلت عليه رسالةٌ كاملةٌ ، فَبلَّغَها كما نزلت ، واتَّبَع ما أُوحي إليه من ربه ، وأنه هو الإمامُ الأولُ والأَخيرُ لهذه الأُمَّةِ ، ولا يحل لمسلمٍ أن يلتزم باتباع إِمامٍ سواه ، في أي عبادة من العبادات التي يُتقرب بها إلى الله عَزَّ وجَلَّ. * * * الباب الأول : الرسالة هل هناك من يُصَدِّقُ أَن رسالةً نزلت على مُحَمَّدٍ r كاملةً ، لإخراجِ الناسِ من الظلمات إلى النور ؟. قد يعتقدُ البعضُ أن هذا السؤالَ غريبٌ ، في وسطِ أُمَّةٍ أَجمعت أَنها تُؤمن بذلك. وأقول : إنها أُمة أَكثرُها يقولون ذلك. ولكنَّ الإيمانَ شيءٌ ، والقولَ شيءٌ آخرُ. والدليل هو هذا الواقع ، والخلافُ الذي لا يَرْحَمُ ، وتَفَرُّقُنَا إلى أحزابٍ وفِرَقٍ ، كُلُّ حِزْبٍ بما لديهم فرحون. لو آمنا أن مُحَمَّدًا r نزلت عليه رسالةٌ ، وبَلَّغَهَا ، لرجعنا إليها في شأننا كُلِّهِ. ولَمَا تَزوَّجْنَا على مذهبِ أبي حَنيفةَ ، وصَلينا على مذهبِ الشافعيِّ ، وصُمنا على مذهبِ أحمدَ بنِ حنبلٍ ، واعتقدنا على مذهبِ أهل السُّنَّةِ والجماعةِ ، وفَهِمْنَا الدِّينَ على مذهبِ السَّلَف ، والسَّلَف هذا مجهولٌ ، لايعرفه أَحدٌ على وجه التحديد ، لأَنَّ كُلَّ فرقةٍ لها سلفٌ يختلف عن سلف الفِرقة الأُخرى. لقد نزلت رسالةٌ على مُحَمَّدٍ r ، وبَلَّغَهَا ، وآمنَ بها ناسٌ ، وبشرهم الله بالجنةِ ، قبل ظهورِ مذاهبِكُمْ ، وطرقِكُمْ ، وشيعِكُمْ ، وأحزابِكُمْ ، وسلفِكُمْ ، وخلفِكُمْ. ـ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ ، إِلاَّ قَدْ أُعْطيَ مِنَ الآيَاتِ ، مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.". أخرجه أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والنسائي. فالذي يُؤمن عليه البشرُ ، ويُحْكَمُ لهم بالإيمان ، إِنْ هم آمنوا به ، إنما هو الوَحْيُ ، النازلُ من السماء ، وما عدا ذلك ، فإنما هو وحلٌ ، تَوَلَّدَ ، وتكاثر من عَفَن عقول الذين تفرقوا واختلفوا.
| |
|