Admin Admin
المساهمات : 322 تاريخ التسجيل : 24/06/2012
| موضوع: فتنة المذاهب والفرق (شبهات وحقائق) (3) الأربعاء يوليو 04, 2012 10:19 pm | |
| شبهات وحقائق :
ومع هذا كله ، فإن الشيطان يوسوس في صدور أوليائه ، بوساوس وأوهام ، ولكي يخدع بها المرضى ، فإنه ينسبها للنبي r ، أو ربما لله عَزَّ وجَلَّ ، وهذا الباطل يسري في جسد الأمة الذي تهالك ، خاصة بعد أن ماتت ملكةُ البحث ، والتنقيب ، والسؤال ، وصار الناسُ يتلقون دينهم من كل ناعقٍ ، وصَعِدَ فوق المنابر ناسٌ لايفرقون بين "صحيح البخاري" ، و"رياض الصالحين" ، و"الترغيب والترهيب" ، فكلها فيها أحاديث ، وكلها تصلح للدعوة ، وأكل العيش ، وأموال الناس !!. وقد اشتهر في وسط هذا الزَبَد شيءٌ احتج بها هؤلاء لإثبات أنه يجب الأخذ بالرأي ، وأن الدين ناقصٌ ، وأن المسلمَ سيلتقي في حياته بأحكامٍ ليست في كتاب الله ، ولا في سُنَّةِ رسوله r ، وهنا عليه أن يجتهد رأيه ، ولا (آلو) !!. وإليك الحديث المزعوم : ـ عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ ، عَنْ مُعَاذٍ ؛ " أَنَّ رَسُولَ اللهِ r حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ ، فَقَالَ : كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ قَالَ : أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللهِ ؟ قَالَ : فَسُنَّةُ رَسُولِ اللهِ r ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ r ؟ قَالَ : أَجْتَهِدُ رَأْيِي لاَ آلُو ، قَالَ : فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ r صَدْرِي ، ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ ِللهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ r لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللهِ r.." أخرجه ابن أَبي شَيْبَة ، وأحمد ، وعَبد بن حُميد ، والدارِمِي ، وأبو داود ، والترمذي. من رواية أَبي عَوْن ، مُحَمد بن عُبَيْد الله الثَّقَقِي ، عن الحارث بن عَمْرو ، ابن أخي المُغِيرَة بن شُعْبة ، عن ناسٍ من أصحابِ مُعَاذ من أهل حِمْص ، عن معاذ ، به. هذا مايحتج به سدنة المذاهب ، والذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا. وهذا حديثٌ إسناده ساقطٌ لايصح ، ومن نَسَبَهُ إلى رسول الله r ، فقد كَذَبَ عليه. أولا : قال البخاري : الحارث بن عَمرو ، ابن أخي الْمُغِيرة بن شُعبة ، الثَّقَفيّ ، عن أصحاب مُعاذ ، عن مُعاذ ، رَوى عنه أبو عَوْن ، ولا يَصح ، ولا يُعرف إلاَّ بِهَذا ، مُرسلٌ. التاريخ الكبير (2/2449). ثانيًا : أورده العقيلي في الضعفاء 1/215 (262) ، ونقل قول البخاري السابق. ثالثًا : قال الترمذي ، بعد أن أخرجه : هذا حديثٌ لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه ، وليس إسناده عندي بمتصلٍ ، وأبو عون الثقفي اسمه مُحَمَّد بن عُبيد الله . سنن الترمذي (1327 و1328). رابعًا : قال ابن حَزم : وحديث معاذ ، الذي فيه : أجتهد رأيي ولا آلو ، لا يصح ، لأنه لم يروه أحدٌ إلاَّ الحارث بن عمرو ، وهو مجهولٌ ، لا ندري مَنْ هو ، عن رجالٍ من أهل حمص لم يُسَمِّهم ، عن معاذ. "المحلى" 1/62. وقال ابن حَزم : وأما حديث معاذ ، فيما رُوِيَ من قوله : أجتهد رأيي ، وحديث عبد الله بن عمرو ، في قوله : أجتهد بحضرتك يا رسول الله ، فحديثان ساقطان ، أما حديث معاذ ، فإنما رُوي عن رجالٍ من أهل حمص ، لم يُسَمَّوْا ، وحديث عبد الله منقطعٌ أيضًا ، لا يتصل. "الإحكام في أصول الأحكام" 5/121. خامسًا : أخرجه ابن حَجَر في كتابه "تلخيص الحبير" 4/182 ، ثم قال : أخرجه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن عدي ، والطبراني ، والبيهقي ، من حديث الحارث بن عمرو ، عن ناسٍ من أصحاب معاذ ، عن معاذٍ. قال الترمذي : لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه ، وليس إسناده بمتصل. وقال البخاري ، في "تاريخه" : الحارث بن عمرو ، عن أصحاب معاذ ، وعنه أبو عون ، لا يصح ، ولا يُعرف إلاَّ بهذا. وقال الدارقطني ، في "العلل" : رواه شعبة ، عن أبي عون ، هكذا ، وأرسله ابن مهدي ، وجماعاتٌ ، عنه ، والمرسل أصح. قال أبو داود ، يعني الطيالسي ، أكثر ما كان يحدثنا شعبة ، عن أصحاب معاذ ، أن رسول الله r ، وقال مرةً : عن معاذ. وقال ابن حزم : لا يصح ، لأن الحارث مجهولٌ ، وشيوخه لا يُعرفون ، قال : وادعى بعضُهم فيه التواتر ، وهذا كذبٌ ، بل هو ضد التواتر ، لأنه ما رواه إلاَّ أبو عون ، عن الحارث ، فكيف يكون متواترًا. وقال عبد الحق : لا يُسند ، ولا يوجد من وجه صحيحٍ. وقال ابن الجوزي ، في "العلل المتناهية" : لا يصح ، وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ، ويعتمدون عليه. وحديث آخر ، ظن هؤلاء الذين أحبوا مخالفة النَّبِيّ r ، أنه يدعم حجتهم في أن الدين لم يكتمل ، وأن النعمة لم تتم ، وأن الرسالة قد وصلتهم ناقصةً ، وأنه يجب إكمال هذا النقص ، بذكاء الأئمة ، وفنهم الرفيع في الإضافة والحذف ، وهذا الحديث هو : عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ ، قَالَ : "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ r ذَاتَ يَوْمٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ فَقَالَ : أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي ، فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.". ويأخذون من هذا الحديث شيئا واحدا ، يظنون ، إثمًا ، أنه يُثبت اتباعًا للخلفاء المهديين ، وأن لهم سنة غير سنة النَّبِيّ r ، وهذا ما يبحث عنه دائما دعاة الشرك ، الذين رفضوا إلاَّ أن يتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله. أولا : طرق هذا الحديث : 1ـ أخرجه أحمد ، وأبو داود ، من حديث الوَلِيد بن مُسْلم ، حدَّثنا ثَوْر بن يَزِيد ، حدَّثني خالد بن مَعْدان ، قال : حدَّثنا عَبْد الرَّحْمَن بن عَمْرو السُّلَمِي ، وحُجْر بن حُجْر ، عن العرباض بن سارية ، به. 2ـ وأخرجه أحمد ، والدارمي ، وابن ماجة ، والترمذي ، من حديث ضَمْرَة بن حَبِيب ، وخالد بن مَعْدان ، عن عَبْد الرَّحْمَن بن عَمْرو السُّلَمِي ، أنه سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ ، به. 3ـ وأخرجه أحمد ، من طريق خالد بن مَعْدان ، عن ابن أَبي بِلاَل ، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ ، به. 4ـ وأخرجه ابن ماجة ، من طريق عَبْد الله بن أحمد بن بَشِير بن ذَكْوَان الدِّمَشْقِي ، حدَّثنا الوَلِيد بن مُسْلم ، حدَّثنا عَبْد الله بن العَلاَء ، يعني ابن زَبْر ، حدَّثني يَحيى بن أَبي المُطَاع ، عن العرباض ، به. قلنا : إسناده ضعيف ، الأول ؛ فيه عبد الرَّحْمَن بن عمرو السلمي ، لاتقوم به حجةٌ ، إذ لم يوثقه أحدٌ ممن يُعتمد عليه في الجرح والتعديل ، قال ابن القطان : مجهول ، وقال ابن حَجَر ، في "التقريب" : مقبول ، وهذه عنده تعني : لين الحديث ، كما بين في مقدمة كتابه ، خاصة وأن الذي تابعه هو : حُجْر بن حُجْر ، وهو مجهول ، تفرد بالرواية عنه خالد بن معدان ، ولذا أورده الذهبي في الميزان ، وقال : حَجَر بن حَجَر الكلاعي ، ما حدث عنه سوى خالد بن معدان ، بحديث العرباض ، مقرونًا بآخر. وفي التقريب ، قال ابن حَجَر : مقبول. والطريق الثاني ، فيه عبد الرَّحْمَن بن عمرو السلمي ، سبق الحديث عنه. قال الحافظ العراقي : عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن عبسة السلمي ، روى عن العرباض بن سارية ، قال : "صلى بنا رسول الله r ذات يوم ، ثم أقبل علينا ، فوعظنا موعظةً بليغةً..." الحديث ، رواه عنه خالد بن معدان ، عنه ، وعن حُجر بن حُجر ، عن العرباض بن سارية. قال ابن القطان : مجهولٌ ، والحديث لا يصح. "ذيل ميزان الاعتدال" (523). والطريق الثالث ؛ فيه عبد الله بن أبي بلال الخزاعي ، وهو مجهول أيضًا ، تفرد بالرواية عنه خالد بن معدان ، ولذا أورده الذهبي في "الميزان". ورابعهم أضعفهم ، فهو من رواية يحيى بن أبي المطاع ، عن العرباض ، ويحيى لم يسمع من العرباض شيئًا ، والعجيب أنه يأتي في بعض روايته : سمعت العرباض ، وهذه إن وقعت منه كانت كذبًا ، وإن كانت من الرواة عنه ، كانت كذلك ، وتدليسًا. قال أبو زرعة الرازي لدُحيم ، تعجبًا من حديث الوليد بن سليمان ، قال صحبتُ يحيى بن أبي المطاع : كيف يُحدث عبد الله بن العلاء بن زبر ، عنه ، أي عن يحيى بن أبي المطاع ، أنه سمع العرباض ، مع قُرب عهد يحيى ؟! قال : أنا مِنْ أنكر الناس لهذا ، والعرباض قديم الموت. قال ابنُ حَجَر : قلت : وزعم ابن القطان أنه لا يُعرف حاله. "تهذيب التهذيب" ، ترجمة يحيى بن أبي المطاع. قال الذهبي : يحيى بن أبي المطاع ، عن العرباض ، ومعاوية ، قال دُحيم : ثقةٌ معروفٌ ، و قد استبعد دُحيم لُقيه للعرباض ، فلعله أرسل عنه ، فهذا في الشاميين كثير الوقوع ، يروون عمن لم يلحقوهم. "ميزان الاعتدال" (9643). قلنا : وفي إسناده أيضًا الوليد بن مسلم ، والذي يدلس تدليس التسوية. فلم يرد هذا الحديث من طريق صحيح ثابت لا مطعن فيه ، وإنما جاء من طرق يوهن بعضُها بعضًا. والحديث الصحيح ، عند من أراد وجه الله ، هو الذي يأتي أولا ، وآخرا ، بشرط الله تعالى ، الذي وضعه للقبول ، وهو : {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}. أَمَّا أن يأتي هؤلاء ، بطرقٍ ، فيها الميتةُ ، والدمُ ، ولحمُ الخنزير ، وما أُهل لغير الله به ، والمنخنقةُ ، والموقوذةُ ، والمترديةُ ، والنطيحةُ ، ويقولون : إن الحديث صحيح بمجموع طرقه ، أي طرق ؟ تأتوننا بالضعيف ، وآخر في إسناده مجهولٌ ، وثالثٌ في إسناده مَنْ لا يُحتج به ، ورابعٌ في إسناده سيءُ الحفظ ، أو سيءُ الحظ ، وعاشرٌ في إسناده مدلسٌ لم يُصرح بسماعٍ ، ثم تقولون : هذا الحديث ، بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن ، أو الصحيح. أين هذا الحديث ؟ ياقوم ، إن الحديثَ هو قولُ النبيِّ r ، الذي فيه الحلالُ والحرامُ ، والإيمانُ والكفرُ ، والجنةُ والنارُ. والحديث ينقسم إلى قسمين اثنين ، ولا ثالث لهما : ـ إما أن يكون حديثا قاله النبيُّ r من طريقٍ صحيحٍ ثابتٍ ، بنقل الثقة ، المسلم ، الأمين ، الضابط ، عن مثله ، حتى يصل إلى النَّبِيّ r ، ويُعرض على كتب علل الحديث. وإمَّا أن يكون شيئًا آخرَ ، لا يُحتج به ، ولا يُنسب إلى رسولِ الله r. كلامٌ قاله النبيُّ r ، أو كلامٌ لم يقله ، لا توجد قسمةٌ ثالثة. | |
|