Admin Admin
المساهمات : 322 تاريخ التسجيل : 24/06/2012
| موضوع: العقل عند أهل السنة والجماعة 1- الأربعاء يوليو 04, 2012 6:36 pm | |
| الحمدالله رب العالمين وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد :
فهذا تفريغ من كتاب جميل جداً بعنوان ( تجديد الدين لدى الاتجاه العقلاني الاسلامي المعاصر ) وهو عبارة عن رسالة جامعية من تأليف للدكتور أحمد بن محمد اللهيب ، الطبعة الأولى 1433هـ
فائدة / ( اليابان قوم أذكياء لأنهم وصلوا إلى هذا التقدم الحضاري لكن ليسوا عقلاء , فلو كانوا عقلاء لعبدوا الله عز وجل وكانوا موحدين لكن أكثرهم يعتنق الشنتو والبوذية رغم براعتهم في الحضارة الإنسانية !! )
مقدمة / وردت مادة العقل في القرآن الكريم في تسع وخمسين موضعاً كلها يفيد أن انتفاء العقل مذمة , هذا سوى ذكر مرادفاته : كالألباب , والأحلام , والحجر بكسر الحاء وتسكين الجيم , وذكر اعماله : كالتفكر والتذكر والتدبر والاعتبار والفقه والعلم , فهذه الاعمال العقلية لا تكاد تخلو من ذكرها سورة من كتاب الله تعالى , ويرد ذكرها على أنها أوصاف مدح وكمال للمتصف بها , وأن انتفاءها أو نقصانها مذمة شرعية , وهذا يدل دون شك على رفع الإسلام من شأن العقل , وتكريمه له واحتفائه به , كيف ولا وقد جعله مناطاً للتكليف وشرطاً لقيام الحجة .
مفهوم العقل لدى أهل السنة والجماعة : العقل مصدر عقل بكسر القاف يعقل عقلاً فهو معقول وعاقل وأصل معناه المنع والحبس عقلت البعير عقلاً اعقله عقلاً إذا منعته عن الحركة ويقال اعتقل الرجل إذا حبس
وعقل الشيء إذا علمه وعلم صفاته من حسن وقبح وكمال ونقصان فأمسكها وأمكن أن يميز بين القبيح والحسن والخير والشر
تعريف العقل اصطلاحاً : جاء تعريف أهل السنة والجماعة للعقل مطابقاً لحقيقته من كل وجه خلافاً لغيرهم الذين اقتصرت تعريفاتهم على بعض جوانبه ويمكن اجمال مفهوم العقل لدى أهل السنة والجماعة في النقاط التالية :
1-الغزيرة المدركة في الإنسان التي بها يعقل ويعلم , وهي كقوة البصر في العين . 2-العلوم الضرورية , والتي تشمل جميع العقلاء , كالعلم بالممكنات والواجبات. 3-العلوم النظرية , والتي تحصل بالنظر والإستدلال . 4-الأعمال التي تكون بموجب العلم , لذلك قال الأصمعي : ( العقل : الإمساك عن القبيح , وقصر النفس وحبسها على الحسن )
والعقل بهذا الإطلاق هو عقل التأييد الذي يكون مع الإيمان وهو عقل الأنبياء والصديقين
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( إن اسم العقل عند المسلمين وجمهور العقلاء إنما هو صفة , وهو الذي يسمى عرضاً قائماً بالعاقل . وعلى هذا دل القرآن في قوله تعالى ( لعلكم تعقلون ) ,– سورة الحديد : 17 - وقوله تعالى : ( افلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ) – سورة الحج : 46 – ونحو ذلك مما يدل على أن العقل مصدر عقل يعقل عقلاً , وإذا كان كذلك فالعقل لا يسمى به مجرد العلم الذي لم يعمل به صاحبه . ولا العمل بلا علم , بل الصحيح أن اسم العقل يتناول هذا وهذا ) ا هـ
وبناءً على ما قيل في معاني العقل , قال ابن القيم رحمه الله تعالى ( العقل عقلان : عقل غريزي طبعي وهو أبو العلم ومربيه ومثمره , وعقل مكتسب مستفاد وهو ولد العلم وثمرته ونتيجته فإذا اجتمعا في العبد فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء واستقام له امره وأقبلت عليه جيوش السعادة من كل جانب وإذا فقد أحدهما أو انتقص انتقص صاحبه بقدر ذلك )
منهج أهل السنة والجماعة في الإستدلال العقلي : لقد أدرك أهل السنة والجماعة أهمية العقل فكان منهجهم في الإستدلال بالعقل وسطاً بين طائفتين /
الأولى : غلت في جانب العقل فأنزلته فوق منزلته , حيث جعلته مقدماً على الوحي وهم طوائف أهل الكلام على اختلاف فيما بينهم في درجة هذا الغلو . الثانية : أهملت العقل ولم تلتفت إليه بحجة التفكر في الذات الإلهية وهم غلاة الصوفية . أما أهل السنة فكانوا وسطاً في هذا الباب فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا إجحاف حيث كانوا يأخذون بالنظر العقلي ويأمرون به وكلهم متفقون على الأمر بما جاءت به الشريعة من النظر والتفكر والإعتبار والتدبر وغير ذلك لكنهم أنكروا ما ابتدعه المتكلمون من باطل نظرهم وكلامهم واستدلالهم فشنع عليهم أهل الكلام معتقدين أن هذا الإنكار مستلزم لإنكار جنس النظر والإستدلال . يقول شيخ الإسلام رحمه الله في معرض ذبه عن أهل السنة ودفع ما ينبزهم به أهل الكلام من الإعراض عن النظر العقلي بالكلية , يقول ( ومن العجب أن أهل الكلام يزعمون أن أهل الحديث والسنة أهل تقليد ليسوا أهل نظر واستدلال وأنهم ينكرون حجة العقل وربما حكى إنكار النظر عن بعض ائمة السنة وهذا مما ينكرونه عليهم .
فيقال لهم : ليس هذا بحق فإن أهل السنة والحديث لا ينكرون ما جاء به القرآن هذا أصل متفق عليهم بينهم والله قد أمر بالنظر والإعتبار والتفكر والتدبر في غير آية ولا يعرف عن أحد من سلف الأمة ولا أئمة السنة وعلمائها أنه انكر ذلك بل كلهم متفقون على الأمر بما جاءت به الشريعة من النظر والتفكر والإعتبار والتدبر وغير ذلك لكن وقع اشتراك في لفظ النظر والاستدلال ولفظ الكلام , فإنهم انكروا ما ابتدعه المتكلمون من باطل نظرهم وكلامهم واستدلالهم فأعتقدوا أن انكار هذا مستلزم لإنكار جنس النظر والاستدلال )
ولأجل هذا نرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يحتفي كثيراً بما في كلام الإمام احمد بن حنبل رحمه الله من ردود عقلية على الجهمية والزنادقة في نفيهم لعلو الله تعالى وقولهم بالحلول لما في ذلك من دلالة على اهتمام أئمة السلف بدلائل العقول , ولما فيه من رد على من يتهم السلف بالنصية المطلقة وضعف الحجة العقلية والإقتصار على السمع .
يقول شيخ الإسلام (....الإمام احمد ونحوه من الأئمة هم في ذلك – يشير إلى القياس العقلي – جارون على المنهج الذي جاء به الكتاب والسنة , وهو المنهج العقلي المستقيم , فيستعلمون في هذا الباب – أي الصفات الآلهية – قياس الأولى والأحرى والتنبيه في باب النفي والإثبات..... فمسلك الإمام أحمد وغيره مع الإستدلال بالنصوص والإجماع مسلك الإستدلال بالفطرة والأقيسة العقلية الصحيحة المتضمنة للأولى )
إذاً فأهل السنة والجماعة يأخذون بمبدأ الإستدلال العقلي الشرعي , لا الاستدلال الكلام , يقول الإمام ابن الوزير اليمني : ( .... فهولاء – يقصد بهم أهل السنة – كتابهم القرآن وتفسيرهم الأخبار والآثار ولا يكاد يوجد لهم كتاب في العقيدة فإن وجد فالذي فيه هو بمعنى الوصية المحضة بالرجوع إلى الكتاب والسنة , وهم لا يعنون بالرجوع إليهما نفي النظر وترك العقل والإستدلال البتة ...وإنما ينكرون من علم النظر امرين :
1-القول بأن النظر فيما امر الله تعالى بالنظر فيه وجرت به عادة السلف غير مفيد للعلم , إلا أنه لم يُرد إلى ما ابتُدع من طريق المتكلمين , بل هو عندم كافِ شافِ إن خالف طرائق المتكلمين . 2-أنهم ينكرون القول بتعين طرائق المنطقيين والمتكلمين للمعرفة وتجهيل من لم يعرفها وتكفيره )
وإذا كانت هذه هي حقيقة موقف السلف من العقل ودلالته فلا يعني هذا أنه من الضرورة أن يكون لأكثر أئمة السلف كلام في أصول الدين بالأدلة العقلية , لكن يوجد في كلام بعضهم من ذلك بقدر ما دعت إليه الحاجة , من الرد على الملاحدة والزنادقة والمعطلة كما في كلام الإمام احمد في الرد على الزنادقة وعثمان الدارمي على بشر المريسي وغيرهما من أئمة السلف .
ويرى أهل السنة والجماعة أن من صور تكريم العقل للإسلام أن حدد له ميادين يمكنه أن يسير فيها بأمان ويمكنه أن ينجح فيها إذا استخدم استخداماً صحيحاً إذ عمله خارج مجاله هذا يعرضه للخطأ والتخبط لأن هناك ميادين لا يدركها العقل كعلم الغيب مثلاً وهناك ميادين لا يدرك العقل حكمها وعللها على وجه الحقيقة كالتعبدات .
فإشغاله بها مضيعة للجهد وإيغال في المتاهات فكان من إكرام العقل أن يُدفع للعمل فيما يحسنه ويوافق وظائفه وخصائصه .
وإن كثيراً من أرباب المذاهب الفلسفية والكلامية الذين أرادو تمجيد العقل والرفع من شأنه – حسب زعمهم – أساؤوا إلى العقل أيما إساؤة حيث أوغلوا به في مفاوز لا يهتدي فيها إلى سبيل حتى صار أحدهم يأتي بالحكم ونقيضه وإن اصاب مرة تعثر مرات .
يتبع بإذن الله عز وجل .......
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
سامي بن خالد المبرك
ضوابط الإستدلال العقلي عند أهل السنة والجماعة :
لما كان موقف أهل السنة والجماعة من العقل موقفاً مؤصلاً – ذلك لأنهم استمدوه من نصوص الوحيين – كان الإستدلال بالعقل لهم مضبوط بضوابط , جعلتهم يطردون في التعامل معه , خلافاً لغيرهم من أهل الكلام ومن وافقهم , حيث تجد التناقض حليفهم فما يُقَعَّدُونه في مسألة ينقضونه في الأخرى , ويُضَلل متأخرُهم متقدَمهم , لأسباب كثيرة ابرزها احتكامهم إلى عقولهم من دون قيد أو شرط .
أما أهل السنة فقد أقاموا التعامل مع العقل في ضوابط عدة من أهمها :
1- أن العقل لا يستقل بنفسه , بل هو محتاج إلى الشرع قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( ... العقل شرط في معرفة العلوم وكمال وصلاح الأعمال وبه يكمل العلم والعمل لكنه ليس مستقلاً بذلك بل هو غريزة في النفس وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار , وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز عن دركها , وإن عزل بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أموراً حيوانية , قد يكون فيها محبة ووجد وذوق كما قد يحصل للبهيمة . فالأحوال الحاصة مع عدم العقل ناقصة , والأقوال المخالفة للعقل باطلة , والرسل جاءت بما يعجز العقل عن دركه , ولم تأت بما يُعلَمُ بالعقل امتناعه , لكنَّ المسرفون فيه قضوا بوجوب أشياء وجوازها وامتناعها لحجج عقلية بزعمهم اعتقدوها حقاً , وهي باطل وعارضوا بها النبوات وما جاءت به , والمعرضون عنه صدَّقوا بأشياء باطلة , ودخلوا في أحوال وأعمال فاسدة , وخرجوا عن التمييز الذي فضل الله به بني آدم على غيرهم )
2- تقدم النقل على العقل عند توهم التعارض , فالعقل مصدَّقٌ للشرع في كل ما أخبر به , دال على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم دلالة عامة مطلقة , فالعقل مع الشرع كالعامي مع المفتي , فإن العامي إذا علم عين المفتي , ودل غيره عليه , وبين له أنه عالم مفتٍ , ثم اختلف العامي الدال والمفتي , وجب على المستفتي أن يقدم قول المفتي , فإذا قال له العامي : أنا الأصل في علمه بأنه مفتٍ , فإن قدمت قوله على قولي عند التعارض , قدحت في الأصل الذي به علمت بأنه مفتٍ , قال له المستفتي : أنت لمَّا شهدت بأنه مفتٍ , ودللت على ذلك , شهدت بوجوب تقليده دون تقليدك , وموافقتي لك في قولك بأنه مفتٍ , لا تستلزم أن أوافقك في جميع أقوالك , وخطؤك فيما خالفت فيه المفتي الذي هو أعلم منك , لا يستلزم خطأك في علمك بأنه مفتٍ . هذا مع أن المفتي يجوز عليه الخطأ , أما الرسول صلى الله عليه وسلم فإن معصوم في خبره عن الله عز وجل لا يجوز عليه الخطأ , فتقديم قول المعصوم على ما يخالفه من استدلال عقلي , أولى من تقديم العامي قول المفتي الذي يخالفه .
وإذا كان الأمر كذلك , فإذا علم الإنسان بالعقل أن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعلم أنه أخبر بشيء ووجد في عقله ما ينازعه في خبره , كان عقله يوجب عليه أن يسلم موارد النزاع إلى من هو أعلم به منه .
يتبع بإذن الله تعالى .....
هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين رد مع اقتباس #2 قديم 18-06-12, 07:46 PM أبو أسلم محمد بن صلاح الرمادي أبو أسلم محمد بن صلاح الرمادي غير متواجد حالياً وفقه الله | |
|