Admin Admin
المساهمات : 322 تاريخ التسجيل : 24/06/2012
| موضوع: ظاهرة الغلو في التكفير..جريمة تكفير المسلمين الأربعاء يونيو 27, 2012 3:04 pm | |
|
ظاهرة الغلو في التكفير جريمة تكفير المسلمين
ظاهرة تحتاج إلى دراسة لأسبابها:
وأول ما ينبغي أن أقوله هنا:
إن هذه الظاهرة -ظاهرة الغلو في التكفير- تحتاج إلى دراسة لأسبابها وعواملها حتى نستطيع علاجها على بصيرة.
أما الذين يفكرون (من رجال السلطة) في علاجها بالقمع والاضطهاد والاعتقال، وما إلى ذلك من ألوان العنف، فهم مخطئون بلا ريب، لأمرين:
أولهما: إن الفكرة لا تقاوم إلا بالفكرة، واستخدام العنف وحده في مقاومتها قد لا يزيدها إلا توسعا، ولا يزيد أصحابها إلا إصرارا عليها. إنما الواجب أن تعالج بالإقناع والبيان وإقامة الحجة، وإزاحة الشبهات. ثانيهما: إن هؤلاء المكفرين -في مجموعهم- أناس متدينون مخلصون، صوامون قوامون، غيورون، قد هزهم ما يرونه في المجتمع من ردة فكرية، وتحلل خلقي، وفساد اجتماعي واستبداد سياسي. فهم طلاب إصلاح، حريصون على هداية أمتهم، وإن أخطأوا الطريق وضلوا السبيل. فينبغي أن نقدر دوافعهم الطيبة، ولا نصورهم في صورة سباع ذات مخالب وأنياب، تريد أن تنقض على المجتمع، فتهدمه وتجعله يبابا! والدارس المتتبع لأسباب هذه الظاهرة يجد أنها تتمثل في أمور: 1. انتشار الكفر والردة الحقيقية جهرة في مجتمعاتنا الإسلامية، واستطالة أصحابها وتبجحهم بباطلهم، واستخدامهم أجهزة الإعلام وغيرها لنشر كفرياتهم على جماهير المسلمين دون أن يجدوا من يزجرهم أو يردهم عن ضلالهم وغيهم. 2. تساهل بعض العلماء في شأن هؤلاء الكفرة الحقيقيين وعدهم في زمرة المسلمين، والإسلام منهم براء. 3. اضطهاد حملة الفكر الإسلامي السليم، والدعوة الإسلامية الملتزمة بالقرآن والسنة، والتضييق عليهم في أنفسهم ودعوتهم. والاضطهاد والتضييق لأصحاب الفكر الحر، لا يولد إلا اتجاهات منحرفة، تعمل تحت الأرض، في جو مغلق بعيدا عن النور والحوار المفتوح. 4. قلة بضاعة هؤلاء الشبان الغيورين من فقه الإسلام وأصوله، وعدم تعمقهم في العلوم الإسلامية واللغوية. الأمر الذي جعلهم يأخذون ببعض النصوص دون بعض، أو يأخذون بالمتشابهات، وينسون المحكمات، أو يأخذون بالجزئيات ويغفلون القواعد الكلية، أو يفهمون بعض النصوص فهما سطحيا سريعا، إلى غير ذلك من الأمور اللازمة لمن يتصدر للفتوى في هذه الأمور الخطيرة، دون أهلية كافية. فالإخلاص وحده لا يكفي، ما لم يسنده فقه عميق لشريعة الله وأحكامه، وإلا وقع صاحبه فيما وقع فيه الخوارج من قبل، الذين صحت الأحاديث في ذمهم من عشرة أوجه، كما قال الإمام أحمد. هذا مع شدة حرصهم على العقيدة والتنسك.
ولهذا كان أئمة السلف يوصون بطلب العلم قبل التعبد والجهاد، حتى لا ينحرف عن طريق الله من حيث لا يدري.
وقد قال الحسن البصري: العامل على غير علم كالسالك على غير طريق، والعامل على غير علم، ما يفسد أكثر مما يصلح، فاطلبوا العلم طلبا لا يضر بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم، فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم، حتى خرجوا بأسيافهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولو طلبوا العلم لم يدلهم على ما فعلوا.
تكفير من يستحق التكفير: ومن هنا ينبغي أن نكفر من يجاهرون بالكفر دون استحياء، ونكف عمن ظاهرهم الإسلام وإن كان باطنهم خرابا من الإيمان، فإن هؤلاء يسمون في عرف الإسلام "المنافقين" الذين يقولون آمنا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، أو لم تصدق أعمالهم أقوالهم، فلهم في الدنيا أحكام المسلمين بمقتضى ظاهرهم، وهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، بموجب ما يبطنونه من كفر. فمن الكفرة الذين يجب أن يدفعوا بالكفر دون مواربة ولا استخفاء الأصناف التالية: 1. الشيوعيون المصرون على الشيوعية، الذين يؤمنون بها فلسفة ونظام حياة، رغم مناقضتها الصريحة لعقيدة الإسلام وشريعته وقيمه، والذين يؤمنون بأن الدين -كل الدين- أفيون الشعوب، ويعادون الأديان عامة، ويخصون الإسلام بمزيد من العداوة والنقمة، لأنه عقيدة ونظام وحضارة كاملة. 2. الحكام العلمانيون، ورجال الأحزاب العلمانية، الذين يرفضون جهرة شرع الله. وينادون بأن الدولة يجب أن تنفصل عن الدين، وإذا دعوا إلى حكم الله ورسوله أبوا وامتنعوا، وأكثر من ذلك أنهم يحاربون أشد الحرب من يدعون إلى تحكيم شريعة الله، والعودة إلى الإسلام. 3. أصحاب النحل التي مرقت من الإسلام مروقا ظاهرا، مثل الدروز والنصيرية، والإسماعيلية، وأمثالهمم من الفرق الباطنية، الذين قال عنهم الإمام الغزالي وغيره: ظاهرهم الرفض، وباطنهم الكفر المحض، وقال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: إنهم أكفر من اليهود والنصارى، وذلك لإنكارهم قطعيات الإسلام وأساسياته، وما علم منه بالضرورة. ومثلهم في عصرنا: البهائية، التي هي دين جديد قائم برأسه، ويقاربهم القاديانية التي جاءت بنبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم الذي ختم الله به النبيين.
وجوب التفرقة بين النوع والشخص المعين: وهنا أمر يجب أن نلفت النظر إليه، وهو ما قرره المحققون من العلماء، من وجوب التفرقة بين الشخص والنوع في قضية التكفير. ومعنى هذا: أن نقول مثلا: الشيوعيون كفار، أو الحكام العلمانيون الرافضون لحكم الشرع كفار، أو من قال كذا أو دعا إلى كذا فهو كافر، فهذا وذلك حكم على النوع، فإذا تعلق الأمر بشخص معين، ينتسب إلى هؤلاء أو أولئك وجب التوقف للتحقق والتثبت من حقيقة موقفه، بسؤاله ومناقشته، حتى تقوم عليه الحجة، وتنتفي الشبهة، وتنقطع المعاذير. وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن القول قد يكون كفرا، فيطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال هذا هو كافر. لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها". وهذا كما في نصوص الوعيد. فإن الله تعالى يقول: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا). "فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق، لكن الشخص المعين لا يشهد عليه بالوعيد، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بالنار، لجواز أن لا يلحقه الوعيد، لفوات شرط، أو ثبوت مانع. فقد لا يكون التحريم بلغه، وقد يتوب من فعل المحرم… وقد تكون له حسنات عظيمة تمحو عقوبة المحرم… وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه، وقد يشفع فيه شفيع مطاع" قال: "وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها. وقد تكون عرضت له شبهات يعذره الله بها…". قال: ومذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والمعين. فإذا كان كل هذا الاحتياط واجبا في شأن المصرحين بالكفر، فكيف يجترئ مسلم على تكفير الجماهير التي تشهد أن "لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله" وإن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟ إن الإقرار بالشهادتين، قد عصم دماءهم وأموالهم -إلا بحقها- وحسابهم على الله تعالى. فإنما أمرنا أن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر. وقد صح الحديث بل تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله تعالى".
يتبع
| |
|